_هل من توبة؟!
هنُاك في مكان ليس ببعيد عنا ؛ ولا وقت ببعيد ايضًا ؛ سار ثلة طاهرة وأخر ما بقي من بيت أحمد المصطفى نحو بقاع يُقال لها العراق، بسبب رسائل كثيرة وردت لهم بأن يغيثوا من في بلاد العراق وينجوهم مما هم فيه . فحضر السبط الطاهر مع أخوتهِ وأهل بيته وسار بهم أيام وليالِ في ظُلمات الليل خائفين ، حائرين لا يعلمون ما ينتظرهم ، حتى ذُكر عن سيدتي ومولاتي سكينة بنت الإمام الحُسين "خرجنا في ليلة ذات رعدٍ وبرق ولم يكنُ أهل بيت أخوف منا أهل البيت ". وأشتد الرحيل وطال المسير حتى قطع طريقهم أثناء وصول السبط الى قصر الخلافة حيث يتم توليه أمور المسلمين جميعًا ، فهبّ عليه رجلٌ مع جنده وقطعوا عليه الطريق وهو يخبر السبط الطاهر بأننا قد بُعثنا لمنعكم من الدخول الى الكوفة ؛ فقال له مولى المؤمنين وحبيب قلوب العالمين أبا عبدالله الحُسين : دعنا اذًا نعود من حيث أتينا ؛ فأجابه العبد لا وألف لا .
فسار معه ومع الركب ساعة يتقدم عليهم وساعة يستأخرهم ؛ حتى في مكان ما وقف فرس السبط الطاهر ونوّخ برأسه وعزف عن الحراك ، فعرف السبط الطاهر مطلب فرسه فسأل العبد ماذا تسمى هذه البقاع؟ أجابه العبد وفي قلبه توجس وحيرة حول ما سيصيب هذا الرجل العظيم ؛ يُقال لها الغاضرية . ألها أسم أخر ؟ بلى ؛ تُدعى الطفوف . ألها مسمى أخر أيها العبد ؟ فقال العبد وقد خرجت الكلمات من فمهِ كصوت رعدٍ ، تُسمى كربلاء . فقال السبط الطاهر وهو يهبط من فرسه المبارك إذا هي والله كربًا وبلاء . ها هنا مهبط رحالنا وقتلنا وسبيّ عيالنا .
هبط السبط الطاهر ؛ وأمر أهل بيته بالمكوث هنا .
فبقي العبد المكلف بمراقبة السبط يحوم حوله ، تعبث به رائحة التفاح التي تفوح من ركب هذا السبط ، وهواجسه تقتله ، أيعقل ان يكون هذا الرجل العظيم خارجي؟ أيعقل أن يكون هذا الرجل لا يعرف الله ورسوله؟ أذا هو لم يعرف الله حق معرفته كما يدعون؟ فمن الذي يعرف الله ؟ نحن؟ كلا وألف كلا . أين نحن بما هو فيه من منزلة ومكانة. فأقام السبط الطاهر الصلاة فرّق قلب العبد أكثر وأكثر وأختض جسده ؛ أيُعقل هكذا الصلاة ؟ ماذا عن صلاتنا؟ كيف نصلي نحن اذًا؟! أخذه التفكير بما يفعله السبط الطاهر والعبد المراقب يتأمله بكل أريحية ويذوب في عوالمه ؛ في بلاغته ، وهواجسه تقتله أيعقل أن يكون هذا خارجي وقد خرج مع نساؤه وعياله حتى يتركهم هكذا في الصحراء؟ خرج من أجل لا شيء؟ لا يعقل ؟ فشخص مثله يعلم ما يريد وما ينتظره ، وكأنه بعلم سابق بكل ما سيحصل له .
قدمت رياح سوداء تعلن عن قدوم جيش عمر بن سعد وأعوانه وهم فرحين بمحاصرة السبط الطاهر وعدم تمكنه من دخول الكوفة.
ثلة من الحمقى ألم يعلموا بأنه لو أراد الدخول للكوفة لدخل! ، ألم يفكروا بأنه يعلم بما سيجري عليه وعليهم وسينبأهم بكل ما سيحصل لهم بعد مقتله ، عن أي شخصٌ يتحدثون أنه الحُسين القرآن الناطق ؛ إبن بنت نبيهم ، لكنهم لو كانوا يعرفون أحقية النبي ما فعلوا هكذا ؛ هؤلاء نبيهم الشيطان هو الذي يسيرهم ويعبث بعقولهم ؛ جعلوا الغل والحقد يملأ بطونهم وحياتهم ؛ هؤلاء ليسوا بأناس ؛ أنهم مجموعة من البرابرة حيث دينهم المال والخمر والذهبِ. فأرتاب العبد المراقب لما حصل بقدوم بن سعد وجنوده ؛ فأخذ يترقب ركب الرجل الطاهر من بعيد والندم يتأكله ؛ وضميره يؤنبه ؛ وهناك صوتٌ بداخله يخبره بما سولت له نفسه بأتباع أوامر قادته. نار تشّب بداخله ليس بقادرٍ على إطفاؤها ؛ يجب عليه فعل شيء ما ؛ إن عقله وقلبه وجميع جوارحه تخبره بأن الرجل الطاهر على حق وبأنه لم يخرج كخارجي كما ورده ؛ بل خرج لإصلاح شيء ما ؛ لإصلاحنا لإصلاح ديننا، ودنيانا. خرج ليهبّنا حياة حرة كريمة ؛ حياة تليق بنا كمؤمنين ، ..
عندما سمع بما خطط له بن سعد مع عبيد الله بن زياد ؛ قفز قلبه من مكانه وأكتسح وجه صفرة كأوراق الخريف ؛ فأخبر ساعده الأيمن بقراراه ؛ فأجابه ويحك؟ أتترك معسكر عمر بن سعد؟ أجننت أنت يا هذا؟!
فنهره العبد المراقب وقال له : أني أنا الحُرّ الرياحي ؛ لا أخاف مما سيفعلون بيّ. فصمت ساعده وطأطأ رأسه ومضى .
لم يستطع أحدٌ منعه لأنهم يعلمون من هو الحُرّ وما بوسعه فعله؟ ويعلمون بأنه يعادل كتيبة من كتائب جيشهم الأشرس . وبأنه أبرز رجل بينهم . فصّمت الجميع ؛ وخسر بن سعد أفضل رجاله في هذه المواجهة .فأخبر العبد الذليل ولده بأن يربط له يديه ويأخذه بصورة المُذل المهان لسيده ومولاه السبط الطاهر ؛ عندما رأى السبط الطاهر منشغل بعبادة الله وذكره ؛ وقع عند قدميه وهو يرجوه السماح والعفو ؟ أرجوك أقبلني ؟ تُب عليَّ .فنظر إليه السبط الطاهر بنظرة السيّد العطوف الرؤوف بعبيده ؛ نظرة الحب والحنان التي تعلو وجه الأب الحنون حيال ولده .
**
أود أن أقول لكم كلمة بسيطة جدًا ؛ لا تمنعوا ممن يتوافد على مجالس الحُسين في هذه الأيام الاليمة والمفجعة وتنهوه عن إقامة العزاء فالمعزاء هو رسول الله ؛ هو علي ، المعزاء فاطمة الزهراء . لسنا نحن من يقرر من هو صالح فينا ، حتى وان كان طيلة العام لا يذكر الحسين ولا يملأ يومه بذكر الحسين ومصيبته ؛ لكنه أتى يُعزي صاحب الأمر ؛ يبكي كالثكالى ؛ أن حب الحُسين فطري ؛ أي لا يمكن لأي شيء تغييره حتى وان كان الانسان عاصي طيلة العام . إن الحُسين أكبر منا جميعًا ، أتركوا الناس تهيّم بحبه ؛ الحسين يجعلهم أناس حقًا ؛ وممن يقول بأن الحسين ليس فقط بكاء أقول له نحن عرفنا الحسين عن طريق المجالس الحسينية عن طريق العاطفة عن طريق البكاء وهذا ما سنخبر به الأجيال القادمة بأنه روحي وأرواح العالمين له الفداء قد قُتل مظلومًا عطشانا ؛ سليب العمامة والرداء.
وصيتي الأولى لكم والأخيرة أبكوا على الحُسين وكأنكم لم تعرفوا للبكاء معنى الإ على الحسين ؛ وأرتدوا السواد وأعلنوا الحداد فوالله ما قتل أحد مثله ؛ ولا مُثل بجثته مثله ؛ ولا سبي عيال ونساء أحدهم مثله ؛ فعلى الحُسين فليبكي الباكون ومن أجله فلينصبوا المأتم ولتجري الدموع .
أن الحُر عبدٌ راقب الحسين ولم يجعله يرجع الى مدينة جده ؛ عرف أي الفريقين هو الفائز اذًا ، عرف أين يسير الحق وأين يسير الباطل! ؛ عرف من هم جنود الرحمن ومن هم جنود الشيطان .! ومع ذلك كان الحُر سبب في تجمع الجيش حول الحسين ؛ لحق الجيش بالحسين بسببه ومع هذا كله عندما قدم لطلب العفو من الحسين ماذا فعل سيدي ومولاي؟
قبله ! وهو عبد عاصي وقبله الحسين ؛ لا تيأسوا فباب التوبة مازال مشرع على مصرعيه والحُسين ينظر لنا بنظرة الأب الحنون وينادي هل من ناصر ؟ هل من داب ؟ أين هم شيعتي ؟!
فلنهرع إليه ، ونبكي عليه وننادي بأعلى الأصوات .. يا قابل الحر أقبلنا ياحُسين .
..
.
.
فقبل توبته مولايّ الحسين ؛ وتاب الله عنه .
طلب من الحُسين أن يكون أول من يقتل بين يديه ؛ فقتل الحر بن يزيد الرياحي وعند مصرعه أخبره الحُسين ( أنت حر كما سمتك أمك ، حر في الدنيا وحر في الأخرة ).
ياقابل توبة الحر أقبلنا وتب علينا وأجعلنا نلتحق بركبك الطاهر ياحُسين.
ونسألكم الدعاء والتوفيق لكل ما يرضي الله والعترة الطاهرة
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فرح الموسوي 💜
ياقابل الحر اقبلني💔💔💔😔
ردحذفعزيزتي الله يوفقج ويوفقنا لسلك طريق الحق طريق الحسين عليه السلام
يوفق الجميع ربي ممتنة ❤✋
حذفياقابل الحر اقبلني
ردحذفيـَاحـسيــن
يـَاحـسيــن
يـَاحـسيــن
يـَاحـسيــن
اللهم ثبتنث على نهج الحسين
سلمت الانامل ياروحي فدوه ل كاتبه المستقبل
اللهم آمين
حذفياقابل الحر أقبلنا